التعليم التقليدي

التعليم التقليدي بالبليدات

خلال النصف الأول من القرن العشرين

في صباح كل يوم جديد تتجدد عزائم الصبية فيتجهون نحو الجامع ، "جامع سيدي بنعيسى" يجتمعون أمام المؤدب أو كما يستسهلون نطقه "المدّب" يتجمعون ليعلمهم حروف اللغة العربية نطقا و رسما بكل حركاتها...

بقايا الجامع في البلدة القديمة


هذه هي المرحلة الإبتدائية أو الأولى تسمى مرحلة "التسطير" وهي تفيد كتابة  "المدّب" بعض الحروف ليعيد الصبي - فيما بعد -  كتابتها بالإتباع خط "سيده" حتى يحسن رسمها على اللوح و يحفظ نطقها بشكل سليم...

ثم تأتي المرحلة الثانية من التعليم التقليدي فيأخذ الصبي لوحه الخاص به و يمسك بقلمه - المصنوع من أعواد "القصبة" - ثم يكتب بكل حذر و يقظة ما يسمعه من آيات يمليها عليه ســـيده "الـــمدّب" يجلس في مكان من الفضاء الفاصل بين الجامع و زاوية الولـي الصالح "امحمد بنعيسى المكناسي" ثم يشرع في قراءة تلك الآيات المرسومة على لوحه حتى يحفظها ، عندها فقط يتجه نحو المدّب و يجلس أمامه ثم يضع اللوح على صدره و يعرض ما حفظه فيأمره بعد ذلك بالتوجه نحوحوض صغير في جانب من السقيفة المحاذية للجامع ليغسل ما كتبه بالماء و الطين... ثم يرجع إليه ليكتب آيات أخرى من كتاب الله... و هكذا تستمر رحلة التعليم و التلقين بالجامع خلال حصتين في اليوم ، حصة صباحية تدوم حوالي ساعتين تبدأ قبل شروق الشمس بقليل تضاف إليها حصة ثانية بين صلاة الظهر و صلاة العصر... لقد سألت بشغف كبير العديد من الآباء عن خصوصية تلك الفترة و مميزات التعليم فتذكر بعضهم حزم سيده المدّب الذي يفضل دائما الجلوس متربعا... كما نوه البعض بمجهودات المدّب علي بن نصر بن ونيس و أيضا ابنه سي محمد بن علي بن نصر بن ونيس رحمهما الله  فلا أحد ينكر فضلهما في تعليم صبيان البليدات  خلال  الثلاثينات  و الأربعينات من القرن العشرين بل أن العديد ممن واصلوا تعليمهم الزيتوني كانت انطلاقتهم من جامع البليدات...


المؤدب: محمد ونيس
 

  
لقد أخذنا فعلا شجون الحديث و طيران الخيال إلى ذكريات تتعلق بجوانب أخرى ليس من الهين ذكرها في هذا المجال ، لكن ما شد انتباهي هو محافظة بعض الآباء على ذكر حروف اللغة العربية بشكل مرتب و منظم ترسخت في أذهانهم منذ زمن بعيد...

لقد تراجع التعليم بالجامع في أواسط الخمسينات تقريبا تزامنا مع بدايات التعليم الإبتدائي العصري بالبليدات، وهو ما جعل الأطراف المسؤولة و جمع من المواطنين يسعون لبعث كتّاب عصري بالبليدات - على غرار ما هو موجود بعديد المدن التونسية - لما للكتّاب من دور في تنمية القدرات الذهنية للناشئة هذا فضلا عن إخراجهم من عالمهم العائلي الضيق  و  يعوّدهم  على  الحديث و المشاركة.. و بذلك يكون الكتّاب خير رافد لمجهود رياض الأطفال و سندا قويا للتلميذ في المرحلة الإبتدائية، و قد تم ذلك بالفعل وأفتتح الأوّل بمسجد الرّحمة بالجهة الغربية و الثاني بمسجد عمر بن الخطاب بالجهة الشرقية، وعاد الكتّاب إلى لعب دوره في الحياة التعليمية في البليدات.

       
كتاب مسجد الرحمة                                        كتاب جامع عمر بن الخطاب


 
 


 
free counters

 

 


 
أنشر الموقع على الفيس بوك
 
 
Ce site web a été créé gratuitement avec Ma-page.fr. Tu veux aussi ton propre site web ?
S'inscrire gratuitement